فيروس كورونا: مضاعفات عصبية لإصابة الخلايا الدبقة النجمية في المخ
١٧ ديسمبر ٢٠٢٢

تعتبر الأعراض العصبيّة من أكثر مضاعفات فيروس كورونا انتشارًا بعد مضاعفات الجهاز التنفسيّ؛ حيث تؤثّر المضاعفات العصبيّة لفيروس كورونا على ٣٠٪؜ من المرضى.  

في دراسة حديثة منشورة في دوريّة PNAS، قدّم الباحثون دليلًا على أن فيروس كورونا يُصيب الخلايا الدبقيّة النجميّة في المخ والحبل الشوكيّ، والتي لا تُصنّف من الخلايا العصبيّة، لكنها مسئولة عن تصنيع المغذيات، ونقلها للخلايا العصبيّة؛ فقد أشاروا إلى أن فيروس كورونا يلتصق بالخلايا النجميّة من خلال البروتين الموجود على سطح الفيروس، فيؤدي إلى تغيير سلوك الخلايا النجميّة، مما يتسبّب في تقليل مُغذيات الخلايا العصبيّة، ومن ثم تَلفها، وموتها.

تتيح لنا هذه الاكتشافات فهمًا أعمق لحالات فقدان حاسة الشم، أو التذوق، وكذلك الحالات الخطيرة كالهذيان، أو السكتات الدماغيّة.

كيف يتمكن اختبار DISCoVER من الكشف السريع عن فيروس كورونا؟
٢٨ سبتمبر ٢٠٢٢

يُعد اختبار الحمض النووي السريع أمرًا أساسيًّا لمراقبة الامراض المعدية. وقد كشف الباحثون في دراسة حديثة منشورة في دورية Nature biomedical engineering - عن طريقة لاختبار COVID-19 وإمكانية تنفيذه في نموذج أوليّ لجهاز الموائع الدقيقة microfluidic device.

ويُعرف هذا الاختبار باسم  DISCoVER اختصارًا للتشخيص باستخدام التقارير الإنزيمية لفيروس كورونا. يتضمن الاختبار تحليل العينة عبر مواد كاشفة مستقرة ومنخفضة التكلفة، لتظهر القراءات عن طريق الفلورسنت في غضون 60 دقيقةً. كما يستطيع DISCoVER اكتشاف الإصابة بفيروس كورونا التنفسي الحاد SARS-CoV-2 عن طريق فحص اللعاب، وقد كان حساسًا بنسبة 94% ومحددًا بنسبة 100٪ عند التحقق من صحته باستخدام الحمض النووي الريبي المُستخرج من 63 مسحةً أنفيّةً.

وحيث أن الجهاز قد حدد بشكل صحيح جميع عينات اللعاب السريريّة المُختبرة، فقد يؤدي ذلك إلى توسيع استخداماته التشخيصيّة بالمستقبل.

هل ينجح العلماء في تطوير العلاج الفعال لمتحورات فيروس كورونا؟
٢٩ أغسطس ٢٠٢٢

نتج عن فيروس كورونا ملايين الإصابات حول العالم، إضافة إلى أكثر من 5 ملايين حالة وفاة حتى الآن. وعلى الرغم من السرعة الملحوظة لتطوير لقاحات كوفيد -19، فلم تُحدَّد بعد أثرها وفعاليّتها ضد متحورات فيروس كورونا الناشئة والمُحتملة في المستقبل.

في دراسة حديثة منشورة في دوريّة nature communication، حاول فريق من الباحثون إيجاد مركّبات تُثبّط انتشار فيروس SARS-CoV2 من خلال استهداف بروتين SARS-CoV-2 3CL protease الذي يعتبر بطيء التحور والتغيّر، على عكس مستهدفات المصل.

وقد حدّدت الدراسة مواصفات 4 مركبّات، تشتمل قابليتها للذوبان، وفعاليّتها، واعتبارها آمنة دون آثار جانبيّة. وتم اختيار مركّب GC376 للتطوير، من أجل تحسين ارتباطه بإنزيم 3CL المسؤول عن انقسام الفيروس وتكاثره.

ومن بين عدة مركّبات متطورة، حدد العلماء مركّب كورناستات كأكثر المركّبات الواعدة، فهو يرتبط بالبروتين المستهدف عند تركيز قليل >10 nm، ويثبِّط تكاثر عدد من الفصائل المختلفة لفيروس كورونا. كما أثبتوا أمان استخدامه، وتوفُّره بكميّات فعّالة في رئة الفئران، مما جعل الباحثين متفائلين بفعاليته ضد SARS-CoV2، لكن لم تَثبُت تجربة المركّب حتى الآن- على البشر المصابين بالفيروس.

تشير هذه النتائج إلى أن العلاج عن طريق مثبطات البروتياز 3CL مثل: الكوروناستات، قد يكون علاجًا واعدًا لفيروس كورونا بمختلف سلالاته.

لقاحات كورونا الحالية قد تكون عديمة الفعالية في مواجهة سلالات أميكرون الجديدة
١٦ يوليو ٢٠٢٢

في الآونة الأخيرة، ارتفع عدد الإصابات بالمتحوّرات الفرعيّة لفيروس كورونا SARS-CoV2، وبالتحديد أوميكرون BA.2.12.1 و BA.4/5، لتواصل الانتشار في كلٍ من الولايات المتحدة، وجنوب أفريقيا. وتثير هذه المتغيّرات الفرعيّة الجديدة عددًا من المخاوف؛ نظرًا لقدرتها العاليّة على مقاومة الأجسام المُضادة لأنواع الفيروس السابقة، مما يقلّل من فعالية لقاحات فيروس كورونا التي تستهدف سلالة بعينها.

في دراسة حديثة منشورة في دورية Nature، حاول الباحثون الكشف عن مدى مقاومة تلك المتغيّرات الجديدة في تحليل منهجيّ. وكشفت النتائج أن متغيّرات BA.2.12.1 و BA.4/5 أكثر مقاومة للأمصال من متغيّر BA.2، بحوالي 1.8 و 4.2 مرة. ولذلك تعتبر اللقاحات الحاليّة لفيروس كورونا، التي تستهدف متحور أوميكرون أو أي من السلالات السابقة، عديمة الفعاليّة ضد متحور BA.4/5. وتستطيع تلك المتغيّرات الفيروسيّة المقاومة بسبب الطفرات في بروتينات الفيروس، والتي تُسهّل الهروب من بعض الأجسام المضادة.

وتُواصل سلالة أوميكرون التطور، مما قد يجعل المتغيّرات الفرعيّة أكثر قابليّةً للانتقال، وأشد مراوغةً للأجسام المُضادة.  

استخدام تقنيات النانو والذكاء الاصطناعي للكشف الدقيق عن فيروس كورونا
١١ يوليو ٢٠٢٢

في ظل انتشار فيروس كورونا وسلالاته المتحورة إلى جميع دول العالم، يركّز الباحثون على تطوير طرق فعّالة للكشف عن هذا الفيروس والفيروسات الأُخرى المُشابهة. وبالرغم من استخدام تكنولوجيا PCR حتى الآن للكشف عن فيروس كورونا، فإنها تستغرق ما يقرب من ساعة على الأقل، كما تتطلب استخراج الحمض النوويّ الريبيّ RNA للفيروس من العينات السريريّة، مما يستهلك الكثير من الوقت للحصول على النتيجة.

وفي دراسة جديدة منشورة في دورية Nature Communications، ابتكر الباحثون طريقة للكشف عن فيروس كورونا SARS-CoV-2، وتميّزه عن السلالات الأُخرى، وذلك باستخدام تقنية النانو pore والذكاء الاصطناعي معًا؛ وهي طريقة بسيطة نسبيًّا لا تتطلب استخراج الحمض النوويّ الريبيّ RNA. وقد كشفت تلك الطريقة عن فيروس كورونا SARS-COV-2 في عينات اللعاب، وذلك بدقّةٍ تقترب من 90 ٪ إلى 96 ٪ في 5 دقائق فقط.

حاليًّا، يتجه الباحثون إلى تدريب تلك التقنيّة على بيانات الفيروسات المُختلفة، من أجل تطوير جهاز يُمكنه تشخيص أنواع مختلفة من الفيروسات، مما قد يساعد في الكشف المبكر عن الفيروسات، وتشخيصها بدقة وسرعة عالية.

كمامات المستشعرات الحيوية للكشف عن الإصابة بفيروس كورونا
٢٨ مايو ٢٠٢٢

في دراسة حديثة منشورة في دورية Nature Biotechnology، حاول الباحثون تصنيع كمامة تستشعر الجزيئات الحيويّة، للكشف عن الإصابة بفيروس كورونا Sars-Cov2. وقد استخدموا تقنيّة هندسيّة خالية من الخلايا، ومجففة بالتجميد freeze-dried, cell-free مع المواد المُصمّمة خصّيصًا لإنشاء مستشعرات حيويّة، لتُدمج في ركائز مرنة في مادة السيليكون، أو المنسوجات.

وبالفعل، استطاعت هذه المُستشعرات الحيويّة الكشف عن المواد الكيميائيةّ، وبصمات الحمض النووي للفيروس، من خلال إطلاق المُستشعر الاصطناعيّ لإنذار بعد تفاعل رذاذ مرتدي الكمامة مع المُستشعر الحيويّ؛ ولذلك تعتبر هذه الكمامة بمثابة اختبار PCR يتم في سرعة عالية وبدرجة حرارة الغُرفة.

ومن التطبيقات المستقبليّة المُحتملة لأجهزة الاستشعار: الكشف عن أي تهديد كيميائيّ، أو بيولوجيّ، في البيئات الخطيرة، مثل التي يعمل بها المقاتلين، والأطباء، والباحثين العاملين في قطاع الصحة. فربّما تُسهم هذه التقنيّة الجديدة في توفير إنذارات للمستشفيات، لمنع انتشار العدوى في المستقبل.

هل ينجح فايزر في مواجهة أوميكرون
٢٦ مارس ٢٠٢٢

تُمثّل الأجسام المضادة خط الدفاع الأول في المناعة التكيفيّة ضد كوفيد 19. كما تلعب استجابات الخلايا التائية دورًا حيويًا كخط دفاعٍ ثاني، خاصةً في الوقاية من الأعراض الحادة لكوفيد 19. والخلايا التائيّة +CD8 هي خلايا سامة أو قاتلة، تُحفّز موت الخلايا المصابة بالفيروس.

اكتشف العلماء بالفعل استجابات الخلايا التائية +CD8 عند الأفراد الذين تلقوا الجرعة الثالثة من لقاح فايزر، وذلك في مواجهة فيروس أوميكرون. وتُشير التقارير الأوليّة إلى أن فعاليّة اللقاح تتراوح بين المتوسطة والمرتفعة في مواجهة فيروس أوميكرون. ففي المملكة المتحدة، سُجّلت فعاليّة اللقاح بنسبة 75٪ خلال 2 إلى 4 أسابيع بعد تلقي الجرعة، لتنخفض إلى 70٪ خلال 5 إلى 9 أسابيع، ثم تنخفض إلى نسبة أقل من 55٪ بعد مرور أكثر من 10 أسابيع بعد الجرعة الثالثة.

وما تزال الأبحاث مُستمرة لتوضيح فعاليّة الجرعة الثالثة من لقاح فايزر في مواجهة فيروس أوميكرون.

فيروس كورونا يكشف عن الواقع المؤلم للفجوة الرقمية في أفريقيا
٨ مارس ٢٠٢٢

كشفت لنا جائحة فيروس كورونا عن العديد من الأزمات الاقتصاديّة، والتحديّات التعليميّة أمام المؤسسات الدوليّة والوطنيّة بالقارة الأفريقيّة؛ فقد أدى خطر انتشار العدوى إلى قراراتٍ عالميّةٍ بإغلاق المؤسّسات التعليميّة، والتحوّل إلى التعليم عن طريق الإنترنت، للحد من العدوى بهذا الفيروس.

لكن الاتصال بالإنترنت ليس بهذه البساطة بالقارة الأفريقيّة التي تُعاني الكثير من الأزمات على إثر الحروب الأهليّة، والانهيارات الاقتصاديّة، وضعف أنظمة الرعاية الصحيّة، والتي تُزيد من هشاشتها في مواجهة عواقب هذه الجائحة العالميّة.

وفقًا لليونسكو، يُعاني 9.8 مليون طالبٍ أفريقيّ من مشكلات دراسيّة، بعد إغلاق مؤسسات التعليم العالي، وتحوّل الدورات الدراسية إلى الإنترنت؛ حيث لا يتمكن إلا ما نسبته 24% من السكان من الوصول إلى الإنترنت؛ وذلك نظرًا لضعف الاتصال، وتكلفته الباهظة، والانقطاع المُتكرر للكهرباء، مما يُمثل تحديًا خطيرًا أمام جودة التعليم واستمراريته.

وفي ظل العديد من التحديّات الأُخرى التي تعاني منها المؤسسات الدوليّة والخدميّة بأفريقيا، يجب أن تظل الأولويّة الوطنيّة دائمًا هي الوصول إلى ملايين الطلاب المُهمشين في كل مكان؛ مما يدفعنا إلى ضرورة إيجاد حلول دائمة، وبدائل فعّالة من المؤسّسات التعليميّة، والتكنولوجيّة، الحكوميّة منها، والخاصة، والتي قد ينتج عنها تغييرًا جذريًّا في الوسائل والخدمات التعليمية بالمستقبل القريب.

فهل يتغير هذا الواقع المؤلم إلى مستقبلٍ أفضل؟

فعالية اللقاح في مواجهة السلالات المُتحورة لـ COVID-19
٣ أغسطس ٢٠٢١

توصل الباحثون إلى أن فيروس كورونا COVID-19 المُتحور B1.351 المُكتشف للمرة الأولى في جنوب إفريقيا- لديه قدرة أعلى على إصابة الأشخاص الذين تلقوا الجرعة الكاملة من لقاح فايزر، بالمقارنة بنظيره B.1.1.7 المُكتشف في بريطانيا. كما وجدوا أن الأمصال المأخوذة من الأشخاص المُتعافين من سلالات أخرى لفيروس COVID-19- لها فعالية ملحوظة ضد B.1.1.7، وذلك مقارنةً بتدني فعاليتها ضد B1.3151. وتثير هذه النتائج الكثير من المخاوف حول قدرة سلالة B1.3151 على خداع الجهاز المناعي.

متغير جيني موروث يزيد من خطورة الإصابة بڤيروس كورونا
١٢ أبريل ٢٠٢١

اكتشف العلماء وجود متغير چيني في كروموسوم رقم 3، موروث من نوع إنسان قديم منقرض homo Neanderthals، له دور رئيس في زيادة خطورة فشل الجهاز التنفسي لثلاثة أضعاف عند الإصابة بڤيروس كورونا، وبالتالي الحاجة إلى المراقبة في المستشفيات. وينتشر هذا المتغير الچيني لدي ما يقرب من نصف سكان جنوب آسيا، وكذلك لدى واحد من كل ستة أشخاص في أوروبا، بينما يكاد يكون غائبًا في أفريقيا وشرق آسيا.

هل تكشف الأعراض العصبية عن إصابتنا بكوفيد-19؟
٢٠ نوفمبر ٢٠٢٠

تشمل الأعراض السريرية والآليات المرضية لـكوفيد-19 العديد من الجوانب. وتُشير أحدث الدراسات إلى فرضية تورط الجهاز العصبي المركي (CNS) في هذا المرض. وبالتالي قد يفسر لنا التوغل العصبي لـفيروس كورونا المُستجد سبب إصابة بعض المرضى بالفشل التنفسي. قد يغزو هذا الفيروس الجهاز العصبي المركزي عبر مسار عصبي دموي أو رجعي؛ ففي المسار الدموي، ينتقل الفيروس من الصفيحة المصفوية (التي تقبع بين الحفرة القحفية الأمامية والتجويف الأنفي) إلى المخ، والمهاد، وجذع الدماغ. أما فيما يتعلق بالمسار الرجعي، فتُظهر الأدلة أن الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 ينظم الآلية المُحتملة للسمات العصبية الغازية للفيروس. ولذلك يتضح غزو الفيروس للجهاز العصبي المركزي عبر هذين المسارين من خلال التغير في حاستيّ الشم والتذوق.

للتأكد من الفرضية السابق ذكرها؛ تم إجراء دراسة بأثر رجعي في مدينة ووهان الصينية، عن طريق مراجعة السجلات الطبية لـ (214) مريضٍ مصابٍ بكوفيد-19، بمتوسط عمر (52.7 عامًا). وقد تمت المقارنة بين المرضى الذين يعانون من أعراض شديدة وقد بلغت نسبتهم (41.1٪) والمرضى الذين يعانون من أعراضٍ غير شديدة بنسبة (58.9٪). ومن المثير للاهتمام أن المرضى الذين يعانون من أعراضٍ شديدةٍ لكوفيد-19، كانت لديهم مظاهر عصبية أكثر شيوعًا بنسبة (45.5٪). كما كانت لديهم معدلات أعلى من الإصابة بأمراض الأوعية الدموية الدماغية الحادة بنسبة (5.7٪)، وضعف الوعي بنسبة (14.8٪)، وإصابة العضلات الهيكلية بنسبة (19.3٪). وبناءً على هذه النتائج، توجد علاقة وطيدة بين الجهاز العصبي وفيروس كورونا المستجد. لذلك ينصح العلماء أثناء هذا الوباء بضرورة تلقى الأشخاص الذين يُظهرون أعراض عصبية لتشخيصٍ متباينٍ لكوفيد-19 وذلك كإجراء احترازي، مما يُساهم بشكل كبير في التشخيص المبكر لهذا المرض ويخفض من فرصة انتقال العدوى.

لقاحات ضد كورونا … كم عددها؟ و كيف تعمل؟
١٧ أغسطس ٢٠٢٠

في أواخر عام ٢٠١٩ أعلنت مدينة وهان الصينية عن ظهور حالات عدة تعاني من الالتهاب الرئوي الحاد الغير معروف اسبابه.  انتشرت هذه الجائحة بمعدلات متسارعة لتتجاوز حدود الصين مُسجلةً إصاباتٍ عديدة في حوالي ٢٠٣ دولة.  نجح العلماء في تحديد فيروس سارس كوف-٢ كمسبب رئيسي لهذا المرض والذي عُرف بإسم كوفيد-١٩. أشارت الدراسات الأولية أن غالبية المرضى أظهروا أعراضاً متوسطة الحدة إلا أن ٢٠% من المرضى عانوا من إعياءٍ شديد. ينتمي هذا الفيروس (سارس كوف-٢) الى عائلة الفيروسات التاجية (فيروسات الكورونا) والتي سُميت بهذا الاسم نتيجةً للشكل التاجي الذي تظهره البروتينات السكرية على سطحها. لفيروسات كورونا القدرة على اصابة الانسان مسببةً بذلك أمراضاً تتراوح حدتها من نزلة البرد إلى الالتهاب الرئوي. يتكون الجينوم الخاص بهذه الفيروسات من شريطٍ وحيدٍ من الحمض الريبوزي RNA والذي يحوي شفرات للعديد من البروتينات من ضمنها البروتين الشكوى والذي يُسهل عملية الالتصاق بالخلية المصابة.

يتم حالياً اختبار بعض خيارات العلاج من أجل المساعدة في تخفيف أعراض المصابين و تشمل هذه الخيارات عقار الريمديسفير Remdesivir الذي تم اختباره مسبقاً لعلاج فيروس الإيبولا في البشر دون أي نجاحٍ يُذكر.غير أنه أظهر نجاحا ضد الفيروسات التاجية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بسارس كوف-٢ في النماذج الحيوانية. بالإضافة إلى ذلك، يتم اختبار الأجسام المضادة لـ ACE2 (و هو المستقبل الذي يعتمد عليه الفيروس للدخول الى الخلايا) لتحييد الفيروس ومنع تلف الرئة. كما تستكشف التجارب السريرية في الصين فاعلية استخدام المصل المعزول من المرضى المتعافين كخيارٍ علاجي. بينما يظل تطوير لقاحٍ وقائي هو الهدف الأمثل للسيطرة على انتشار العدوى في جميعِ أنحاء العالم.

يتمُ التحقيق في استراتيجيات مختلفة من أجل تطوير لقاح ضد فيروس كورونا. يمكن تقسيمها على نطاق واسع إلى فئتين: أولا، اللقاحات التي تولد مناعة بشكل خاص ضد البروتين الشوكي وثانيا، اللقاحات التي تستخدم فيروساً كاملاً مُضعف أو معطل تماماً. في الفئة الأولى ، تتم دراسة تقنيات مختلفة بما في ذلك لقاحات الحمض النووي أو الحمض الريبوزي حيث يتم حقن الأحماض النووية في المرضى مما يؤدي إلى بدء تخليق البروتين الشوكي داخل خلاياهم و يحفز بالتالي جهاز المناعة علي تطوير أجسام مضادة ضد هذا البروتين الشوكي. تأتى لقاحات البروتينات المعاد تركيبها كتقنية أخرى تعتمد على استخدام الخلايا لتصنيع هذه البروتينات في المختبر والتي تستخدم مباشرة للتطعيم. كل هذه التقنيات لها مزايا وعيوب، ولا يمكن التنبؤ بالإستراتيجية الأسرع تنفيذاً و الأكتر نجاحاً.

حيث أنه لا يوجد لقاح ضد أي من عائلة فيروسات كورونا، لذا فتطوير لقاحٍ ضد فيروس سارس كوف-٢ قد يتطلب الكثيرَ من الوقت ولعل هذا يرجع الى سببين مهمين. أولاً، لابد أن يوفرُ اللقاحَ الحمايةَ ضد الاصابة بالفيروس وهذا يتم اختباره على حيوانات التجارب والتي مازال البحثُ عن نموذجٍ منها يحاكي الاصابةَ البشريةَ قائماً. ثانياً، من الضروري أن يتجاوز اللقاحُ اختبارات السميةِ التي تتم أيضاً على الحيوانات كالأرانب. كما أنه ضروري جدا أن تطابق معايير الممارسة المعملية الجيدة. هذه الاختبارات قد تستغرق ما بين ثلاثةِ الى ستة أشهر. فإذا كان من الممكن تسريعُ هذه الخطوات، تبقى عقبةٌ اخرى مهمة ألا وهي عملية توزيع وإعطاء اللقاح. تشير الآراءُ إلى أنه من المحتمل أن يتم التلقيحُ على جرعتين ولذلك لغيابِ المناعة المسبقة ضد هذا الفيروس. هاتان الجرعتان لابدَ من الفصلِ بينهما بفترةٍ لا تقل عن ثلاثة الى اربعةِ أسابيع ومن المتوقع توليدُ مناعةٍ وقائيةٍ بعد أسبوعين من الجرعة الثانية. لذا عملياً يحتاجُ تطويرُ لقاحٍ آمنٍ وفعال ثمانية عشر شهرا على أقصى تقدير.

ريمديسيفير: كيف يعمل الدواء الواعد لفيروس كورونا الجديد؟
٢٤ يونيو ٢٠٢٠

بالرغم من انتماء فيروس كورونا SARS-CoV-2 إلى نفس العائلة التي تضم فيروسي سارس (SARS) و ميرس (MERS) المتسببين في مُتلازمة الجهاز التنفسي الحاد؛ إلا أن فيروس SARS-CoV-2 يمتلك قدرة أكبر منهما على الانتقال بشكل سريع من إنسان إلى آخر، وقد يرجع ذلك إلى قدرته الفائقة على التضاعف والنسخ.

وخلال عملية التضاعف, تستخدم فيروسات كورونا آلية دقيقة مكوَّنة من وحدات فرعية متعددة؛ فيمثل إنزيم "بوليميريز الحمض النووي الريبوزي" (nsp12 = RdRp) أحد العناصر الأساسية بعملية التضاعف, حيث يلعب دورًا بارزًا عن طريق تحفيز عملية تصنيع الحمض النووي الريبوزي (RNA) للفيروس، وذلك في وجود بروتينات غير هيكلية (غير المكوّنة للهيكل الخارجي للفيروس) تحت أسماء (nsp7 و nsp8) كعوامل مساعدة. وبالتالي، يمكن اعتبار nsp12 هدفًا رئيسيًّا لبعض مضادات الفيروسات, والتي تعمل عمل "العميل السري" متشبهة بالقواعد النيتروجينية Nucleotides المكونة للحمض النووي، فيرتبط بها nsp12، كدواء "ريمديسيفير" والذي أظهر مؤخرًا نتائجًا إيجابيةً ضد SARS-CoV-2.

و لتوجيه عملية تصنيع الدواء, تم تحديد بنية وشكلnsp7 و nsp8 و nsp12 باستخدام الميكروسكوب الإلكتروني بدقة ٢.٩ أنجستروم و هي دقة مقبولة تمنح المعلومات الهيكلية الكافية عن الإنزيم لاستخدامه في التصميم الدوائي. يشبه هيكل الانزيم "اليد اليمني" كشكل الأصابع والكف والإبهام، محتضنًا بـ “كف اليد" الحمض النووي الريبوزي (RNA). وبرغم التشابه مع نفس الإنزيم بفيروس (سارس)، إلا أن هناك مميزات رئيسية تميّز بين الاثنين في نوع وترتيب بعض الأحماض الأمينية المكونة لكليهما (وهذا الاختلاف يدعّم ما ذُكِر في دراسة سابقة عرضناها هنا بمقال علمي).

ويأتي عقار ريمديسيفير باعثًا للأمل في علاج فيروس SARS-CoV-2؛ وذلك لوجود تقارير تشير الى قدرته على تثبيط الفيروس. وتعتمد آلية عمل تلك العائلة من العقاقير على الارتباط بإنزيم nsp12, ومن ثم الارتباط بسلسلة الـ RNA الناشئة. وبالنظر إلى التشابه في آلية العمل بين ريمديسيفير وسوفوسبوفير (دواء يستخدم في علاج فيروس الالتهاب الكبدي سي)، حيث يتشبه كلاهما بالقواعد النيتروجينية "عملاء سريين"، وكذلك التشابه الهيكلي بين nsp12 في فيروس SARS-CoV-2 والإنزيم المماثل في فيروس سي (ويُسمى ns5b) - قام العلماء بتوقع طريقة ارتباط ريمديسيفير بـ nsp12 بناءً على المعلومات المتوفرة عن ارتباط سوفوسبوفير.

ملاحظة: لا تزال الأبحاث والتجارب السريرية جارية على ريمديسيفير والأدوية المضادة لفيروس كورونا الجديد. لا تتناول أي دواء دون استشارة طبيبك.

مفاتيح المصطلحات:

بوليميريز الحمض النووي الريبوزي RNA-dependent RNA polymerase = RdRp

Nsp = Non-Structural Proteins

RNA = Ribonulceic acid

هل يَحدُّ التباعُد الاجتماعي من انتشار فيروس كورونا؟
٢ يونيو ٢٠٢٠

عندما يُخرج الإنسان العديد من القطرات التنفسية, والتي يتراوح حجمها من ١٠٠ نانوميتر (١٠,٠٠٠ مرة أصغر من بصيلة الشعر) إلى ١ مليمتر؛ فإن القطرات الكبيرة منها تستقر على الأسطح, لتلوثها, بينما تتمكن الصغيرة من الانتقال عبر مسافات طويلة خصوصًا في وجود التيارات الهوائية. في حالة العدوى الفيروسية, فإن كل قطرة تحتوي على مجموعة من الفيروسات التي يُمكن أن تُعدي الآخرين خلال لمس الأسطح أو معاملة الآخرين وجهًا لوجه. في واقع الأمر وطبقًا لعدد من الأبحاث الحديثة, فإن الكلام بصوت عالٍ لمدة دقيقة قد يُخرِج ما لا يقل عن ١٠,٠٠٠٠ قطرة مُحَمَّلةً بالفيروس. ولتفادي العدوى, أوصت منظمة الصحة العالمية بالتباعد حتى مسافة مترين على الأقل، إضافة إلى ارتداء الكمامة في جميع الأماكن وخاصة المغلقة منها.

ووفقا لآراء الباحثين بهذا المقال, فإن توصيات منظمة الصحة العالمية بالتباعد حتى مسافة مترين ليست كافية للحدِّ من انتشار فيروس كورونا الجديد؛ حيث أن توصيات منظمة الصحة العالمية مبنية على دراسات قد أُجريت في العقد الثالث من القرن الماضي, والتي توصلت إلى أن القطرات المُخرجة من فم الإنسان, والتي يزيد حجمها عن ١٠٠ ميكروميتر (أكبر ١٠٠٠ مرة من أصغر قطرة) بإمكانها الهبوط على الأسطح خلال ٥ ثوانٍ, لكنها لم تتمكن حينئذ من تصوير القطرات الأصغر حجمًا, الأمر الذي تم التأكد منه حديثًا حيث أنها تستغرق حتى ١٢ ساعة للهبوط على الأسطح. وقد كان المدهش تأكيد الدراسات السابقة بالقرن الماضي على أنه يمكن للقطرات الكبيرة الناتجة عن سعال قوي أن تسافر لمسافة ٦ أمتارٍ قبل الهبوط.

وقد امتنع الباحثون بهذا المقال عن الإقرار بالمسافة المثلى للتباعد بين الناس؛ لصعوبة دراسة تأثير العديد من العوامل كالحرارة, والرطوبة, والأشعة تحت البنفسجية على القطرات المُحَمَّلة بالفيروس. بينما تم التأكيد على حتمية ارتداء الكمامات بكافة الأوقات والأماكن. ويُنصح بارتدائها على الأقل بالأماكن المغلقة, والتي يتركز فيها الفيروس بصورة أكبر كالطائرات, والمستشفيات، والمطاعم. ومن خلال تحليل البيانات الوبائية، فإن الدول الأكثر نجاحًا في احتواء الفيروس هي التي طبقت سياسات صارمةً لارتداء الكمامات, مثل: تايوان, وسنغافورة, وكوريا الجنوبية. فبالرغم من عدم إغلاق تايوان لأبوابها إلا أن عدد الحالات بها لم يتجاوز ٥٠٠ حالة (في ٢١ من مايو ٢٠٢٠) مقارنةً ب ٣٥٣٠٠٠ حالة في نيويورك, الأمر الذي قد يرجع إلى سياستها القوية المعتمدة على ارتداء الكمامات.  

تصوير شكل وتركيب البروتينات الشوكية السطحية لفيروس كورونا المستجد بالميكروسكوب الإلكتروني
٤ مايو ٢٠٢٠

يتسبب فيروس كورونا المستجد (SARS-CoV-2) في الحمى وأمراض الجهاز التنفسي الحادة والالتهاب الرئوي التي قد تؤدي إلى الوفاة. ويعد البروتين السكري الشوك (S) هدفاً رئيسياً لتصنيع اللقاحات والأجسام المضادة بغرض التشخيص والعلاج. في هذا البحث، تم تحديد الشكل الفراغي لهذا البروتين باستخدام الميكروسكوب الإلكتروني. تشير الأدلة الكيميائية إلى ارتباط بروتين S بالمستقبل الرئيسي لفيروس SARS-CoV-2 أي بروتين (ACE2) بدرجة أعلى من فيروس سارس (SARS-CoV). بالإضافة إلى ذلك، لم تستطع الأجسام المضادة الخاصة بفيروس SARS-CoV أن تهاجم فيروس SARS-CoV-2، مما يشير إلى أن التفاعل المتبادل بين الأجسام المضادة قد يكون محدودًا بين الفيروسين.

تعد سرعة إنتشار فيروس SARS-CoV-2 وانتقاله بسهولة بين البشر مشكلة وبائية تهدد المجتمعات المختلفة. و للتمكن من الدخول إلى الخلايا، يستخدم فيروس SARS-CoV-2 بروتين S، وهو بروتين يتكون من ثلاث وحدات متشابهة ويقوم بتعديل شكله بدرجة كبيرة ليسمح بدمج الغشاء الفيروسي مع غشاء الخلية المضيفة. وبالتالي فإنه يمثل هدفًا للأجسام المضادة، ويعتبر الكشف عن بنيته خطوة هامة لتوجيه تصميم وتطوير اللقاح.

تتمثل أهمية هذا البحث في تحديد تركيب البروتين الشوكي لفيروس SARS-CoV-2 و هو ما قد يساهم في اكتشاف لقاح أو أجسام مضادة لعلاج الفيروس وتطوير سُبل جديدة للتشخيص. يقدم هذا البحث أيضاً، أدلة لتفسير قدرة البروتين الشوكي  للفيروس على الارتباط بالبروتين المستقبل أي ACE2 بصورة أكبر من فيروس SARS-CoV-2.

تم إنتاج نسخة من بروتين S تحتوي على جزء من الأحماض الأمينية التي تم تغيير البعض منها إلى الحمض الأميني "برولين" للحفاظ على ثبات البروتين. بعد ذلك، تم تنقية البروتين ليكون متجانس ووضعه بوعاء شبكي صغير ثم فحصه مبدأياً قبل تصويره بالميكروسكوب الإلكتروني. مؤخراً تم عرض فرضيات إرتباط البروتين الشوكي لفيروس SARS-CoV-2 بالبروتين ACE2 مما دفع الباحثين لقياس حركية هذا الإرتباط ومقارنته بنفس البروتين بفيروس SARS-CoV. و نظراً للتشابه بين فيروس SARS-CoV-2 و SARS-CoV، كان من المهم أيضاً تجربة الأجسام المضادة المُنتجة في الأصل لفيروس SARS-CoV لقياس مدى تفاعلها مع بروتين S لفيروس SARS-CoV-2.

يرتبط البروتين S لفيروس SARS-CoV-2 بالبروتين ACE2 بقدرة من ١٠ الى ٢٠ مرة أقوى من البروتين S لفيروس SARS-CoV. وقد يفسر هذا سهولة انتشار الفيروس الجديد بين البشر، ولكن هذا الافتراض يحتاج لمزيد من الدراسات. وعلى رغم من التشابُه التكويني لكلا البروتينين، إلا أنه لم يظهر أي إرتباط بين الأجسام المضادة SARS-CoV والبروتين S لفيروس SARS-CoV-2. وبالتالي يتحتم علينا إستخدام فيروس SARS-CoV-2 نفسه لإنتاج أجسام مضادة ولقاحات في المستقبل وعدم الاعتماد على أي تشابه بينه وبين SARS-CoV. وقد تساعد هذه المجهودات علماء التصميم الدوائي في إيجاد دواء أو لقاح يستهدف ذلك البروتين الشوكي ويمنع إرتباطه بمستقبلات جسم المريض.

يحتاج البحث إلى المزيد من التجارب لإثبات اعتماد انتقال الفيروس من إنسان لآخر على الانجذاب القوي بين البروتين الشوكي لفيروس SARS-CoV-2 والبروتين المستقبل ACE2. بالإضافة إلى ذلك، فإن معرفة المزيد من التفاصيل علي المستوي الجزيئي سيمكن الباحثين من تصميم مركبات فعالة مثبطة للفيروس.

اكتشاف مواضع متشابهة للاشتباك مع الأجسام المضادة في البروتينات الشوكية لفيروسي كورونا القديم (سارس) والمستجد (كوفيد-19)
١ مايو ٢٠٢٠

تسبب فيروس كورونا المستجد منذ ظهوره في إصابة قرابة ثلاثة ملايين شخص ومقتل أكثر من مائتي ألف في العالم حتى الآن. وتشمل عائلة كورونا ثلاثة فيروسات: (١) فيروس سارس والذي ظهر في الصين بين عامي ٢٠٠٢ و ٢٠٠٣ ، (٢) انفلونزا الإبل والتي ظهرت في الشرق الأوسط عام ٢٠١٢، (٣) فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) والذي ظهر أيضاً في الصين في أواخر العام الماضي. واجتاح هذا الأخير العالم ووصفته منظمة الصحة الدولية بالجائحة. وفي جهود البحث المتواصلة عن علاج لهذا الفيروس، اكتشف علماء من معهد سكريبس الأمريكي ومن جامعة هونج كونج الصينية أن بعض الأجسام المضادة المفرزة من المصابين بفيروس كورونا القديم (سارس) بإمكانها الاشتباك مع بروتينات فيروس كورونا المستجد. وبالرغم من أن هذا الارتباط أقل قوة، لكنه قد يدلنا على مواضع على سطح البروتين والتي يتشابه فيها الفيروسان بشكل أكبر، مما يساعد العلماء على تطوير لقاح فعال حتى وإن تطور الفيروس إلى نوع جديد.

تحتوي فيروسات كورونا على مستقبلات تغطى سطح الفيروس، وتتكون هذه المستقبلات من بروتينات على شكل أشواك، تسمى بالبروتينات الشوكية، تسمح لها بالالتصاق على سطح خلايا الرئتين. ويشبه فيروس كورونا المستجد بنسبة ٧٧% العضو القديم من عائلة كورونا (سارس) في ترتيب الأحماض الأمينية المكونة لهذا البروتين. رغم أن هذه النسبة لا تعني التطابق في التركيب، لكنها تطرح احتمالًا كبيرًا أن هذا البروتين يحتوي على مواضع متشابهة في كلا الفيروسين ومحفوظة من التحور، والتي قد تشتبك مع نفس الأجسام المضادة. وهذا ما تم اكتشافه مع أحد الأجسام المناعية المضادة والتي تسمى CR3022 المعزولة من مرضى فيروس سارس. فقد تبين من الأبحاث السابقة أن لهذه الأجسام المضادة القدرة على الارتباط بفيروس كورونا. ويوفر هذا فرصة جيدة لدراسة هذا الارتباط والتي تتم عن طريق قياس وتصوير الشكل الفراغي للبروتين المشتبك مع الجسم المضاد ومحاكاة التركيب بشكل دقيق مما يسمح بتحديد أماكن التعرف والاشتباك على سطح البروتين.

على عكس أغلب الابحاث الحالية التي تدرس الشكل الفراغي لفيروس كورونا بمفرده، تكمن أهمية هذا البحث في اكتشاف الشكل الفراغي للفيروس مشتبكاً مع الجسم المضاد (CR3022). ونتيجة ذلك هو تحديد مواضع ثابتة في البروتين محتفظة بنفس تركيبها ولم تتغير بشكل كبير بتحول فيروس كورونا القديم إلى المستجد. ويُعد هذا خطوة مهمة من أجل تطوير لقاح فعال مضاد يوفر مناعة ممتدة المفعول في حال تطور الفيروس مرة أخرى مستقبلاً.

تُحضر الأجسام المضادة والمستقبلات المكونة للبروتينات الشوكية على سطح الفيروس معملياً، ثم تُخلط معاً، وتُجمد ليتم تصوير شكلها الفراغي. ويسمح أيضاً تصوير الشكل الفراغي للفيروس مشتبكاً مع الجسم المضاد بمقارنة درجة تثبيط الأجسام المضادة لفيروسي كورونا القديم والمستجد.

أظهرت نتائج فحص الشكل الفراغي أن نسبة التشابه بين مناطق الارتباط بالجسم المضاد CR3022 على سطح البروتين الشوكي لكلا الفيروسان هي ٨٦% مقارنة بنسبة التشابه بين البروتينات الشوكية الكاملة السابق ذكرها (٧٧%). ويفسر هذا ارتباط نفس الأجسام المضادة بهما وكذلك الاختلاف في قوة ارتباط الأجسام المضادة للفيروس، حيث أظهرت النتائج على الرغم من أن قدرة الأجسام المضادة على الارتباط بجزء من البروتينات الشوكية على سطح فيروس كورونا المستجد، إلا أن قوة هذا الارتباط تعد أضعف ١١٥ مرة من نظيرتها في فيروس كورونا القديم (سارس). ويرجع هذا الفارق في قوة الارتباط لوجود بعض السكريات المتحدة مع أحماض أمينية في فيروس كورونا القديم والتي ترتبط بالأجسام المضادة أيضاً وتعتبر رابطاً إضافياً غير موجود في فيروس كورونا المستجد.

على الرغم من أن هذه النتائج (قوة الارتباط وتحديد الشكل الفراغي) هي نتائج مهمة وتزيد من فهمنا لتركيبة الفيروس وبالتالي كيفية مواجهته، إلا أن هذه التجارب أجريت خارج الأجسام الحية وفي ظروف تختلف عن البيئة الطبيعية لهذه البروتينات. ولذلك فتجربتها في الكائنات الحية قد تعطي نتائج مختلفة. وأظهرت تجارب عديدة من هذا النوع نتائج مخيبة (على سبيل المثال، فيروس الإنفلونزا) خارج الجسم، لكن أثبتت فاعلية قوية عند تجربتها داخل الأجسام الحية. ويُحيي هذا الأمل في أن يُظهر الجسم المضاد CR3022 نتائج إيجابية (وحده أو بالاشتراك مع أجسام مضادة أخرى) داخل الكائنات الحية. ويكتشف هذا البحث أيضاً مواضع في البروتينات الشوكية للفيروس قد تصلح لتطوير لقاح يوفر مناعة ممتدة ضد فيروس كورونا المستجد والفيروسات الشبيهة التي قد تظهر مستقبلاً.