ما احتمالية الإصابة مجددًا بمرض التهاب الكبد الوبائي سي لدى متعاطي المخدرات بالحقن؟
2 أغسطس 2025

في السنوات الأخيرة، ازداد الاهتمام بمرض التهاب الكبد الوبائي سي HCV؛ بسبب علاقته الوثيقة بتعاطي المخدرات عن طريق الحقن في العديد من البلدان. ورغم التطورات الهائلة في العلاج الذي أصبح يحقق الشفاء التام لمعظم المرضى، ظهرت مشكلة جديدة.

السؤال: ما معدل الإصابة بالمرض مجددًا بعد تعافي المتعاطين؟

تتزايد أهمية هذا السؤال في ظل الجهود العالمية للقضاء على فيروس التهاب الكبد الوبائي سي كمشكلة صحية عامة، إذ تظل فئة متعاطي المخدرات بالحقن تمثل تحديًا كبيرًا أمام جهود القضاء على الفيروس نظرًا لسلوكيات المتعاطين المستمرة ذات المخاطر العالية.

المنهجية: كيف نُفّذ البحث؟

اعتمدت الدراسة على متابعة مجموعة كبيرة من متعاطي المخدرات بالحقن، نحو 415 مشاركًا في الولايات المتحدة، بعد تلقي العلاج والشفاء تمامًا من الفيروس. وزع الباحثون المشاركين عشوائيًا على نموذجين للرعاية: نموذج العلاج بالملاحظة المباشرة Modified Directly Observed Therapy، والمتابعة الشخصية Patient Navigation1، في 8 مدن أمريكية متنوعة من خلال مراكز علاج الإدمان، والمراكز الصحية المجتمعية.

استمرت المتابعة حتى 42 شهرًا، أي حوالي ثلاث سنوات ونصف، حيث خضع المشاركون لاختبارات دورية لرصد احتمالية الإصابة بالفيروس مجددًا، بالإضافة إلى استبيانات عن سلوكيات الحقن والظروف الاجتماعية والصحية. كما حلّل الباحثون نتائج الفحوصات البولية للمخدرات لتحديد دور أنواع المواد المستعملة في الإصابة مرة أخرى. ومن ثم حساب معدل الإصابة بالفيروس مجددًا بناءً على سنوات التعرض وتقييم التغير في معدل العدوى مع مرور الوقت بعد العلاج.

مخاطر مرتفعة في البداية، لكن الأمل موجود!

أظهرت الدراسة أن معدل الإصابة مجددًا بمرض التهاب الكبد الوبائي سي بين الأشخاص الذين يحقنون المخدرات بلغ 11.4 حالة لكل 100 شخص في السنة، أي أن خطر الإصابة مجددًا بالعدوى مرتفع نسبيًا مقارنة بدراسات أخرى. وكان هذا المعدل الأعلى في الشهور الأولى بعد الشفاء -15.5 لكل 100 شخص-سنة* خلال أول 6 شهور، ثم انخفض تدريجيًا ليصل إلى 4.3 لكل 100 شخص خلال سنة من المتابعة، وذلك بعد أكثر من سنتين و9 أشهر من المتابعة.

وتبين أن خطر الإصابة بالفيروس مرة أخرى كان أعلى بين الأشخاص الأصغر سنًا، وبين من أظهرت تحاليل البول لديهم وجود الميثامفيتامين، بالإضافة إلى الذين استمروا في حقن المخدرات بعد العلاج خصوصًا مع سلوكيات عالية الخطورة، مثل: مشاركة الإبر، أو معدات التحضير. في المقابل، كان الخطر أقل لدى من تجاوزوا سن الأربعين، أو بين المشاركين من ذوي البشرة السوداء.

كما كشفت الدراسة أن معظم حالات العدوى تحدث في فترة قصيرة بعد الشفاء، وأن استخدام معدات الحقن النظيفة وعدم مشاركة الأدوات مع الآخرين يقلل بشكل ملحوظ من هذا الخطر.

تشير هذه النتائج إلى ضرورة التدخل العاجل والمبكر بعد الشفاء، خاصة بين الفئات الأصغر سنًا أو ممن يستمرون في سلوكيات الحقن غير الآمن. كما تؤكد على أهمية توسيع خدمات تقليل الضرر، مثل: توفير الإبر: والمعدات النظيفة، وبرامج الدعم النفسي والاجتماعي بعد العلاج، كوسائل فعالة للوقاية من تكرار العدوى. أما من ناحية الصحة العامة، فوجود معدل مرتفع لحدوث العدوى في بعض المناطق يدل على الحاجة لمعالجة الأمر على مستوى المجتمع، وليس فقط على مستوى الأفراد، عن طريق توفير العلاج بشكل جماعي داخل الشبكات الاجتماعية لمتعاطي المخدرات.

على الهامش: 
  1. الفرق بين العلاج بالملاحظة المباشرة Modified Directly Observed Therapy وبالمتابعة الشخصية Patient Navigation؛ يكمن في مستوى الإشراف، فالنوع الأول يعتمد على المتابعة اليومية المباشرة، والثاني على الدعم والإرشاد الشخصي لجعل المريض يدير علاجه بنفسه، مع وجود مُلاحظ يسهّل له رحلته العلاجية.
  2. شخص-سنة: وحدة قياس يُقصد بها متابعة شخص واحد لمدة سنة كاملة. وتُستخدم في الأبحاث لتوضيح معدل حدوث حدث معيّن، مثل الإصابة بمرض، خلال فترة متابعة مجموعة من الأشخاص. 
اقتراح ومراجعة علمية
د/ أروى أبو جبل
جامعة أوكسفورد Oxford
تدقيق ومراجعة لغوية
أحمد صفوت
صحفي حر
د/ أروى أبو جبل
جامعة أوكسفورد Oxford
علا زيادة
جامعة القاهرة