لطالما شغلت المعادن الغريبة Strange metals أذهان الفيزيائيين. فعلى عكس المعادن التي تنتظم بنيتها التركيبيّة؛ فإن بنية المعادن الغريبة عشوائية تتصرف فيه الذرات والإلكترونات بحرية أكبر، مما يجعل لهذه النوعية من المعادن استخدامات محتملة مفيدة للغاية.
وعلى عكس المعادن المعروفة، مثل: الذهب، والفضة، والحديد، فإن المعادن الغريبة تتحدى قوانين الفيزياء؛ لأن توصيلها للكهرباء يزداد بشكل خطي مع ارتفاع درجات الحرارة، أي أنها توصل الكهرباء بشكل أفضل عند درجة حرارة أعلى من المعادن الأخرى، وهو ما قد يُحولها في النهاية إلى موصلات فائقة Superconductors يمكن استخدامها في إلكترونيات موفرة للطاقة في درجة حرارة الغرفة.
في دراسة حديثة منشورة بدورية Science، أرجع العلماء السبب في اختلاف طبيعة المعادن الغريبة إلى أن إلكتروناتها مُرتبطة بالتشابك الكمي Quantum entanglement، وتسبح في بُنية عشوائيّة، على عكس البنية المنتظمة Uniform lattice للمعادن المعروفة، وهو ما ينتج عنه في النهاية اصطدام الإلكترونات بمعدلات مختلفة ومتكررة، وبالتالي توصيل الكهرباء بشكلٍ أفضل.
وتحتاج الموصلات الفائقة التي تعتمد على المعادن المعروفة إلى درجات حرارة منخفضة للغاية، لذلك تستخدم حاليًّا في نماذج تكنولوجية محدودة، مثل: قطارات الماجليف Maglev، أو القطارات المغناطيسية المعلقة، وأجهزة الرنين المغناطيسي. ولكن بفضل المعادن الغريبة، يعتقد العلماء إننا قد نحصل على هذا النوع من الموصلات في درجة حرارة الغرفة، مما يعد باستخدامات ثوريّة على مستوى الصناعة والتكنولوجيا.
والجدير بالذكر أن العلماء لم يرصدوا تركيب المعادن الغريبة مباشرةً، ولكنهم طوروا إطارًا نظريًا فسر الطريقة التي تعمل بها هذه المعادن حسب فهمهم لميكانيكا الكم، مما يترك الباب مفتوحًا لمزيدٍ من الأبحاث للحصول على الموصلات الفائقة.