تهدف منظمات حقوق الإنسان إلى الحد من جميع أشكال العنف، لما له من آثار صحيّة واجتماعيّة سلبيّة. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يُصنّف العنف بين الأزواج كأكثر أنواع العنف انتشارًا، والذي يكون للنساء النصيب الأكبر منه، حيث تُعاني منه امرأة واحدة من بين ثلاث نساء عالميًّا.
سابقًا، اعتمد الباحثون على الوسائل المرئيّة في تقييم آثار العنف، مثل: الصور، والمقاطع المُسجلة، والقصص الشخصيّة، مما عرقل فهم آثار العنف على عدة عوامل، مثل: الصحة النفسية، والقدرة على العمل، والاندماج الصحيّ في المجتمع. لكن مع تطور التكنولوجيا الرقميّة، واتساع نطاق قواعد البيانات، والتحاليل الإحصائيّة، تمكّن المتخصصون من إيجاد طرق جديدة لفهم تأثير العنف على الأفراد.
في دراسة حديثة منشورة في دورية Health and Human Rights Journal، ركز الباحثون على معرفة أثر الإقامة في أماكن النزاعات السياسية على انتشار نسبة العنف بين الأزواج في دولة ليبيريا الأفريقيّة، التي اندلعت فيها حربًا أهليّةً من عام 1999 إلى عام 2003. وتُشير النتائج إلى أن العيش في مناطق النزاعات في ليبيريا قد رفع من خطر تعرُّض النساء إلى العنف الزوجيّ بنسبة 60% تقريبًا، كما امتد أثر ذلك العنف إلى ما بعد انتهاء النزاع السياسيّ. كذلك تبين أن نسبة العنف غالبًا ما تزداد إذا كان الزوج غير مُتعلم، أو يشرب الكحوليات، أو شديد الفقر.
ومع ذلك، اقتصرت هذه الدراسة على بيانات ثانوية، فلم يتمكن الباحثون من تصميم استطلاع يجمع أي معلومات إضافيّة، مثل: التعرض الشخصي للعنف السياسي. إضافة إلى احتمالية وجود عوامل أُخرى تؤثّر على تعرُّض النساء للعنف، مثل: العلاقات غير الرسمية، أو غير المستقرة، والتي لم تؤخذ في الحسبان بهذه الدراسة.
وعلى الرغم من قيود هذه الدراسة، فإنها تمكّنت من تسليط الضوء على الصلات القائمة بين اثنين من أكثر أشكال العنف انتشارًا، وهما: العنف السياسي، والعنف ضد المرأة. كما أوضحت حاجة الدول التي تعرّضت إلى النزاعات السياسية إلى برامج مُتخصصة لعلاج العنف ضد المرأة.