يستخدم العلماء تقنية المجهر الفلوري Fluorescence microscopy لدراسة الجزيئات الحيويّة الدقيقة في شتى مجالات العلوم الحيويّة، مثل: علم الخلية، وعلم الميكروبيولوجي، والعلوم العصبية، فضلًا عن أبحاث السرطان، وغيرها من المجالات الأُخرى التي تُساعدنا على فهم الأنظمة البيولوجيّة المُعقدة.
وتصل دقة تصوير المجاهر الفلوريّة الشائعة حاليًّا إلى 15-20 نانومتر، وهي دقة عالية، تُمكننا من تحديد أماكن الجزيئات داخل الخلية بوضوح. ولكن لفهم تفاعلات الجزيئات على مستوى الذرات الواحدة - كترابط مركب دوائيّ مع هدفه داخل الخلية- نحتاج إلى ما هو أدق من ذلك؛ إضافة إلى أن دراسة خصائص الجزيئات الداخلية تحتاج إلى دقة متناهية الصغر تصل إلى مقياس الأنجستروم، أي 0.1 نانومتر، وهذا تحدٍ كبير أمام العلماء.
في دراسة منشورة بدورية Nature، ابتكر العلماء تقنية ريزي RESI، وهي تقنية جديدة لتعزيز الدقة باستخدام التصوير المُتسلسل، للوصول إلى دقة الأنجستروم. وتعتمد هذه التقنية على الترميز الشريطيّ للحمض النووي DNA ،Barcoding لتمييز الجزيئات الحيويّة ضئيلة الحجم داخل الخلايا السليمة؛ وذلك لأن أحد شريطيّ الحمض النوويّ مرتبط بصبغ مضيء يساعد على تمييزه داخل الخلية المظلمة، إضافة إلى اعتمادها على التصوير المُتسلسل لتحديد مكان الجزيئات الحيوية بدقة كبيرة. ومن الجدير بالذكر أن هذه التقنية يُمكن استخدامها مع مجاهر فلوريّة موجودة بالفعل في العديد من معامل العالم، مما يَعد بسهولة تطبيقها.
وإضافة إلى تمييز الجزئيات الحيويّة ضئيلة الحجم، استخدم الباحثون تقنية RESI لتقدير المسافة بين القواعد النيتروجينية لجزيئات الحمض النووي المطويّ DNA origami، الذي يعتمد على طيّ الـحمض النووي لأصغر حجم ممكن؛ مما يُشير إلى إمكانية استخدام التقنيّة لدراسة تنظيم المادة الوراثيّة من جينات، وكروموسومات، وفهم تأثيرها على عملية النسخ بدقة.
أخيرًا، يُمكن الاستعانة بتقنية RESI في فهم التفاعلات الحاصلة بين الجزيئات الحيوية، مثل: البروتينات، والحمض النووي، ويشمل ذلك دراسة بروتينات مهمة في علاج أمراض الجهاز المناعي، ليمنحنا آمالًا جديدةً في فهم آليات عمل الأدوية البروتينية biologics، مما قد يُحسّن من تصميم هذه الأدوية وفاعليتها.