باستخدام التجربة الميدانيّة على مدار 5 سنوات، من عام 2015 إلى عام 2019، قارن الباحثون بين العوائد الزراعيّة والاقتصاديّة لكل من الحراثة التقليديّة، والزراعة المُحافِظة على البيئة، كإحدى النظم الزراعيّة التكيفيّة التي تشمل تقليل الحرث، وغطاء التربة، والتناوب المناسب للمحاصيل، وذلك في دراسة منشورة في دورية Agricultural Systems.
أُجريت التجربة الميدانية في منطقة مرشوش بالمغرب، وشملت أربعة محاصيل غذائيّة رئيسيّة، هي: القمح، والشعير، والعدس، والحمص. وقد هدفت التجربة إلى معرفة أثر الزراعة المُحافِظة على البيئة في زيادة إنتاجية المحاصيل، والربح العائد من المحصول، ومدى كفاءة استخدام الأمطار، ومؤشرات خصوبة التربة.
وقد كشفت النتائج أن الزراعة المُحافظة على البيئة خلال مدة التجربة الميدانيّة قد أسهمت في زيادة في إنتاج المحاصيل كالتالي: القمح بنسبة 43٪، والشعير بنسبة 8٪، والعدس بنسبة 11٪، والحمص بنسبة 19٪. هذا إلى جانب إلى زيادة إنتاجيّة نظام دورة تناوب محاصيل الحبوب والبقوليات بنسبة 20٪. كما أسهمت في زيادة كفاءة استخدام الأمطار بنسبة 13٪، وارتفاع نسبة الرطوبة المتاحة في التربة إلى 14٪، مع تقليل تكلفة الإنتاج بنسبة 14.5٪. كما ارتفع محتوى التربة من المواد العضويّة إلى أكثر من 7٪؛ حيث ارتفعت نسبة الفوسفور لأكثر من 3٪، وارتفعت نسبة البوتاسيوم لأكثر من 15٪ مُقارنة بالحراثة التقليديّة، مما يُعزز خصائص التربة.
أما العائد الاقتصاديّ، فقد اختلف بحسب الظروف المناخيّة، ونوع المحاصيل، وممارسة الزراعة المُعتمدة؛ فقد شهد عام 2016 ارتفاع نسبة الجفاف، مما أدى إلى انخفاض العائد الاقتصاديّ للمحاصيل لنظامي الزراعة المختلفين؛ بينما ارتفعت نسبة العائد الاقتصادي في الأعوام التي شهدت هطول الأمطار الجيدة.
كما ارتفعت العوائد الاقتصاديّة مع اعتماد نظام الزراعة المُحافِظة على البيئة؛ حيث ارتفعت نسبة إنتاج الحبوب والقش مع انخفاض تكاليف إعداد الأراضي. كذلك ارتفعت العوائد الاقتصاديّة من البقوليات، كالعدس، والشعير، والحمص، مقارنةً بعوائد القمح في معظم السنوات. ففي كل 10,000 متر مربع، زاد العائد الاقتصادي للعدس في ظل نظام الزراعة المُحافِظة على البيئة بمبلغ يصل من 100 إلى 500 دولار أمريكي في ثلاثة مواسم، مقارنة بالزراعة التقليدية. كما ارتفع العائد الاقتصادي الشعير في مع اعتماد الزراعة المُحافِظة على البيئة بمقدار 100 إلى 130 دولار أمريكي، باستثناء عام 2016 الذي شهد موسم الجفاف. وكذلك ارتفعت عوائد القمح الاقتصاديّة بمتوسط 125 إلى 300 دولار أمريكي.
وقد استخدم الباحثون هذه البيانات لبناء نموذج نظام دعم القرار لنقل التكنولوجيا الزراعية DSSAT، وهو نموذج رياضي لمحاكاة وفهم التأثير طويل المدى لكل من الزراعة المُحافِظة على البيئة، والحراثة التقليديّة، تحت أنظمة تناوب المحاصيل.
بذلك تُشير الدراسة إلى أن الاعتماد على الزراعة المُحافِظة على البيئة يُحسّن مؤشرات خصوبة التربة الزراعيّة والاقتصاديّة خاصة في المواسم منخفضة الأمطار، مما يُسلط الضوء على ضرورة تفعيل السياسات لحث المزارعين على اعتماد الزراعة المُحافِظة على البيئة في المغرب العربي وبيئات الإنتاج المُماثلة.