اكتشاف الجينات المسؤلة عن متلازمة الشعر الخشبي
٢١ ديسمبر ٢٠٢٢

متلازمة الشعر غير القابل للتمشيط Uncombable Hair Syndrome، والمعروفة أيضًا بمتلازمة الشعر الخشبيّ، هي حالة نادرة، يُعاني المصابون بها من شعر جافٍ ومجعدٍ، والذي عادةً ما يكون فاتح اللون. تظهر أعراض هذه المتلازمة في الطفولة، لكنها قد تتحسن مع تقدم العمر.

في دراسة حديثة منشورة في دورية American Journal of Human Genetics، اكتشف الباحثون الخلفيّة الجينيّة لمتلازمة الشعر الخشبيّ؛ حيث وجدوا طفرات في ثلاثة جينات بين ١١ مصابًا بالمتلازمة. وهي جينات: PADI3 ,TCHH ,TGM3، والتي تساعد في تكوين البروتينات المسئولة عن تكوين ساق الشعرة.

وقد يساعد هذا الاكتشاف على الفهم الدقيق للعوامل الجينيّة لمتلازمة الشعر الخشبيّ، وكذلك تطوير مستحضرات أفضل لتصفيف الشعر.

الجينات المسببة للقولون العصبي...تبعد الشبهات عن القلق والتوتر
٤ يوليو ٢٠٢٢

يُعاني العديد من الأشخاص من متلازمة القولون العصبيّ، التي يصحبها ألمٌ البطن وانتفاخها، ونوبات من الإسهال أو الإمساك، وشعور دائم بالتعب والإرهاق. ودائمًا ما يتردد على مسامعنا هذا الرابط القوي بين مرض القولون العصبيّ وشعور القلق والتوتر، فهل يتسبّب القولون العصبيّ في شعورنا بالقلق والتوتر، أم العكس هو الصحيح، أم أن هناك ما يربط بين الاثنين؟

تنتج متلازمة القولون العصبيّ IBS عن اختلالٍ في التفاعلات بين الدماغ والأمعاء، كما توجد عدة أسباب جينيّة للإصابة بهذه المتلازمة. في دراسة حديثة منشورة في دورية Nature، جمع الباحثون نحو 50,000 مريضٍ بالقولون مع مجموعة أخرى غير مصابة بالقولون العصبيّ، من أجل دراسة الجينوم الخاص بهم. وقد حددت الدراسة 6 جينات مشتركة بين مرضى القولون العصبيّ، من بينها 4 جينات مسئولة عن اضطرابات المزاج، والقلق، والتوتر، والتي لها دور في الجهاز العصبيّ.

في بداية الأمر، كان الباحثون يعتقدون بوجود علاقة سببيّة بين القلق والقولون العصبيّ؛ لكن هذه الدراسة قد أثبتت أن القلق والقولون العصبيّ كليهما نتيجة للاضطرابات في تلك الجينات. ورغم الحاجة لمزيد من الدراسات للمساعدة في فهم التفاعلات بين الدماغ والأمعاء الكامنة وراء القولون العصبي، فإن هذه الدراسة قد تمهّد الطريق أمام علاج مرضى القولون العصبي، عن طريق تعديل الجينات أو التحكم بها.

تحديد الجينات لمكافحة الشيخوخة وإطالة العمر...هل هذا ممكن؟
٧ مايو ٢٠٢٢

على الرغم من اهتمام البشر بمحاولة إطالة العمر، وتحسين نوعية الحياة مع تقدم السن، فإن فهم العوامل الجينيّة التي تؤثر على هذه الأشياء ما يزال محدودًا. وقد يساعد تحديد الجينات المرتبطة بإطالة العمر وتحسين الصحة على تطوير أدوية مكافحة للشيخوخة، وأعراضها السلبيّة المُتزايدة، خاصة مع زيادة متوسط العمر في العصر الحالي.

في بحث حديث نُشر في دورية نيتشر Nature Aging، جمع الباحثون بيانات جينيّة من مجموعات كبيرة للأشخاص ذوي الأصل الأوروبيّ، وحاولوا الربط بين زيادة الأعمار، وامتداد الصحة، وعدد من العوامل الجينيّة الموجودة في هذه المجموعات.

وبالفعل، حددت الدراسة 27 منطقةً جينوميّةً مرتبطة بالشيخوخة، كما توصلت إلى أن الجمع بين سمات الشيخوخة المُتعددة ودراسات الجينوم، قد يعزز القدرة على اكتشاف جيناتٍ تصلح كأهدافٍ بيولوجيّة لأدوية مكافحة الشيخوخة البشريّة.

نأمل في القريب العاجل أن تُطبّق مثل هذه الدراسة على نطاق أوسع لتحديد العوامل الجينيّة الخاصة للأشخاص من الأصول الأُخرى المُختلفة.

كريسبر لعلاج الأمراض العصبية
٢ يناير ٢٠٢٢

وضّح تحرير الجينات بوساطة كريسبر غولد CRISPR–Gold في أدمغة الفئران البالغة، عن طريق توصيل البروتينات الريبية النووية Cas9 غير الفيروسية، إمكانية التطوير السريع للعلاجات الموجّهة للدماغ مع الحد الأدنى من السُمية مقابل التوصيل الفيروسي لكريسبر Cas9. وقد كان الحقن داخل الجمجمة من كريسبرغولد قادرًا على استهداف وتقليص مستويات مستقبلات الغلوتامات المحلية 5 (mGluR5) في الجسم المخطط، وبالتالي إنقاذ الفئران من السلوكيات المُتكرّرة المُفرطة الناتجة عن متلازمة X الهشّة، وهي شكل شائع من أشكال الجين الأُحادي من اضطرابات طيف التوحُّد.

تقنية كريسبر لتعديل الجينات: المُستقبل في علاج الأمراض
٤ سبتمبر ٢٠٢١

أحدثت تقنيات تعديل الجينات CRISPR-Cas ثورة في التكنولوجيا الحيوية، مما سمح للعلماء بإجراء تغييرات مستهدفة على الحمض النووي للكائنات الحية. ورغم أن تقنية CRISPR-Cas قد تكون مفيدة سريريًا في علاج العديد من الأمراض الوراثية، إلا أنها تنطوي على قطع سلاسل الحمض النووي حيث تحدث طفرات المرض، والذي يؤدي إلى تغييرات دائمة في الخلايا. وقد توصل العلماء إلى تقنية جديدة بالاعتماد على  CRISPR-Cas حيث تسمح بالحفاظ على نفس تسلسل الحمض النووي، ولكنها تُعدل التعبير الجيني بطريقة قابلة للعكس، ودون قطع أو إتلاف الحمض النووي، وبالتالي تثبيط الجينات أو تنشيطها حسب الحاجة لعلاج المرض في المستقبل.

متغير جيني موروث يزيد من خطورة الإصابة بڤيروس كورونا
١٢ أبريل ٢٠٢١

اكتشف العلماء وجود متغير چيني في كروموسوم رقم 3، موروث من نوع إنسان قديم منقرض homo Neanderthals، له دور رئيس في زيادة خطورة فشل الجهاز التنفسي لثلاثة أضعاف عند الإصابة بڤيروس كورونا، وبالتالي الحاجة إلى المراقبة في المستشفيات. وينتشر هذا المتغير الچيني لدي ما يقرب من نصف سكان جنوب آسيا، وكذلك لدى واحد من كل ستة أشخاص في أوروبا، بينما يكاد يكون غائبًا في أفريقيا وشرق آسيا.

تقنية كريسبر … كيف يتم تعديل الجينات؟
٣١ مارس ٢٠٢١

تُمثل الأمراض الوراثية معضلة في عالم الطب وذلك نظرًا لانتقالها عبر الأجيال وصعوبة علاجها. من أجل ذلك توجهت العديد من الجهود لإيجاد التقنيات المناسبة للعلاج، حيث تم التوصل إلى العديد من تقنيات التعديل الجيني، ومنها تقنية (CRISPR\Cas9) التي أحدثت ثورة في عالم الطب، وقد مُنحت جائزة نوبل في الكيمياء لعام (2020) في الكيمياء للعالمة الفرنسية إيمانويل شاربينتييه، والعالمة الأميركية جينيفر دودنا؛ لتطويرهما هذه التقنية لتحرير الجينوم.

تم اكتشاف هذه التقنية على عدة مراحل بدءً من عام (1987) حين لوحظ نمط مميز على الجينوم الخاص ببكتريا الإيشيريشيا كولاي، حيث تتكرر (5) تتابعات متماثلة من (29) قاعدة، وتفصل بينها تتابعات عشوائية (Spacers). لاحقًا، تمت تسمية هذا النمط باسم (CRISPR) وهي اختصار لـ "Clustered regularly interspaced short palindromic repeats" ومن هنا أتى المقطع الأول من تسمية التقنية. ظل هذا الاكتشاف غير معروف الوظيفة لمدة تصل إلى (24) عام، حتى تم اكتشاف مجموعة من الجينات المصاحبة لهذا النمط المتكرر (CRISPR)، وسميت هذه الجينات باسم (Cas) اختصارًا لـ (CRISPR-associated systems) وهي المقطع الثاني للتقنية.

لاحقًا، ارتفعت وتيرة العمل على اكتشاف وظيفة هذا النمط على (DNA)، والجينات المصاحبة له؛ حيث تم التوصل إلى وظيفته كآلية دفاعية تستخدمها مناعة البكتيريا ضد البكتريوفاج، وهو نوع من الفيروسات التي تصيب البكتيريا. وتعمل هذه الآلية على (3) مراحل:

●   تلاحم التتابعات (spacer acquisition): حيث يعمل انزيم (Cas1\2) على تكسير الجينوم الخاص بالبكتريوفاج المهاجم للبكتيريا، ثم يلتحم جزء معين من جينوم البكتريوفاج مع التتابع العشوائي ( (Spacerعلى جينوم البكتيريا. فتتابعات (Spacer) ما هي إلا أجزاء من أنواع مختلفة من البكتريوفاج المهاجمة للبكتيريا طيلة دورة حياتها.

●   معالجة ( crRNA processing / crRNA): في هذه الخطوة يتم فصل شريطي (DNA) والتعامل مع أحداهما كقالب لتخليق شريط مقابل من (mRNA) والذي يحتوى على تتابعات (CRISPR) والبكتريوفاج المندمجة مع جينوم البكتيريا، ثم يأتي دور(tracrRNA) وهو تتابع ثابت يعمل على التحام (cRNA) مع بروتين (Cas9) ليتم القطع لاحقًا.

● التدخل (Interference): يرتبط (crRNA) مع (Cas9) في وحدة مترابطة، وتتعرف هذه الوحدة على جينوم البكتريوفاج من خلال تتابع معين يعرف بـ (PAM)، حيث ترتبط هذه الوحدة بالتتابع الملاصق لـ (PAM) والذي يكون مطابقًا لتتابع (crRNA)، وعندها يقوم إنزيم (Cas9) بعمل قطع مزدوج على جينوم البكتريوفاج ليصبح غير فعال. وهذه الخطوة تحدث عند مهاجمة البكتريوفاج للبكتريا للمرة الثانية، وهي الخطوة التي بُنيت عليها تقنية التعديل الجيني.  

تُمكننا هذه التقنية من حذف أو إضافة جين، علاوة على تنشيط او تثبيط بعض الجينات؛ مما يسمح بالتحكم في الجينوم ومعرفة وظائف هذه الجينات. وتتعدد مجالات تطبيق هذه التقنية، ومنها مجالات الصحة وتطوير الأدوية؛ حيث تخليق نماذج خلوية، وحيوانات تجارب تُحاكي بعض الأمراض، وكذلك في مجال الزراعة؛ حيث يمكن تحسين جودة المحاصيل، وتهجين بعض السلالات. ومن أمثلة هذه التطبيقات لتعديل الجينات وحذف بعض الطفرات ما تم مؤخرًا في علاج مريض يعاني من عمى وراثي (LCA10) باستخدام كريسبر، وإجراء حقن مباشر للعلاج لأول مرة داخل الجسم مصحوبًا بنتائج إيجابية. كما عملت مجموعة من الباحثين الصينيين بتثبيط جين (PD1) في نوع معين من خلايا سرطان الرئة؛ للتغلب على نمو وانتشار الخلايا السرطانية. وهذا الجين إذا كان نشطًا يقوم بتثبيط الجهاز المناعي ومساعدة الخلايا السرطانية على الانتشار.

بالطبع توجد بعض المخاوف الأخلاقية والاجتماعية عند تطبيق تقنية كريسبر وتقنيات التعديل الجيني الأخرى. ولذلك لابد من الالتزام بالأخلاقيات والقوانين التي تحكم وتحمي مثل هذه التقنيات وتطبيقها، بالإضافة إلى مراعاة السلامة وتجنب بعض الآثار الجانبية عند استخدام هذه التقنيات، وخاصة على الأجنة البشرية. مع العلم بأن المعاهد الوطنية للصحة (NIH) لا تمول أي استخدام لتقنية كريسبر على الأجنة البشرية. ومع ذلك، يعتقد العديد من الباحثين أن البحث باستخدام تعديل الجينات في الأجنة شيء ضروري للإجابة عن بعض الأسئلة العلمية حول البيولوجيا البشرية. وبينما سمحت بعض البلدان بالفعل كالصين، والمملكة المتحدة، بإجراء أبحاث تعديل الجينوم على الأجنة غير القابلة للحياة، نجد دولًا أخرى قد وافقت على إجراء أبحاث تعديل الجينوم على الأجنة القابلة للحياة.

*وللمزيد من الاطلاع، يُعرض برنامج وثائقي يدعى "unnatural selection" على شبكة (Netflix) والذي يتعرض للاعتبارات الاخلاقية لهذه التقنية، وكيفية تعامل المجتمع العلمي معها.

أداة ثورية لدراسة الحمض النووي الريبوزي
٢٩ يناير ٢٠٢١

يهتم علم الترانسكريبتوم بدراسة مجمل جزيئات الحمض النووي الريبوزي (RNA) التي يشفر لها الجينوم. هذا بدوره يعطينا فهمًا أدق للمكونات الجزيئية للخلايا والأنسجة، فضلًا عن أهميته في دراسة آلية حدوث كثير من الاضطرابات الخلوية ودورها في ظهور الأمراض المختلفة، وهو ما لا يمكن الكشف عنه في كثير من الأحيان عن طريق قراءة الجينوم.

تعتمد التقنية الأحدث لقراءة مُجمل جزيئات (RNA)، والمعروفة بـ (RNA-Seq) في جوهرها على الجيل الحديث من تقنيات قراءة التتابعات الجينية (NGS) والتي تستطيع قراءة جزيئات من الحمض النووي يتراوح طولها ما بين (٣٠-٤٠٠) حرفًا. وتتميز هذه التقنية عن سابقاتها بالدقة الفائقة في قراءة التتابعات الجينية، والقدرة على الكشف عن محتوى (RNA) بالكامل. كما تمكننا تقنية (RNA-Seq) من دراسة الكائنات التي لا يملك العلماء خريطة مُسْبقة لتتابعاتها الجينية. وهذا هو أبرز ما يميز هذه التقنية.

تعد معرفة محتوى كل خلية منفردة من (RNA) إحدى أهم استخدامات تقنية (RNA-seq)؛ فبينما يتماثل (DNA) لكل خلايا الكائن الحي، فإن محتوى الخلية من (RNA) هو ما يساهم بشكل كبير في تحديد نوع ووظيفة الخلية. لذا فإن إيجاد بصمة (RNA) لكل خلية؛ يساهم بشكل كبير في إعادة تصنيف الخلايا بشكلٍ أفضل. وانطلاقًا من هذه الفكرة، تضافرت العديد من الجهود البحثية لإعادة تصنيف مختلف أنواع الخلايا؛ لعل من أبرزها مشروع أطلس الخلية البشري الذي انطلق عام (٢٠١٧)، حيث يطمح إلى تطبيق تقنية (RNA-seq) على عدد من (٣٠ – ١٠٠) مليون خلية منفردة، فاتحًا المجال لفهم أفضل للتباين الخلوي داخل جسم الإنسان.

ورغم كثرة المزايا، فإن استخدام (RNA-seq) لا يخلو من عدة تحديات، مثل: التكلفة العالية للكشف عن جزيئات (RNA) التي تتواجد بكميات قليلة جدًا في الخلية، وكذلك التحليل الكمي للبيانات الصادرة عن (RNA-seq)؛ والذي تبدأ صعوباته من تخزين وإدارة كميات ضخمة من البيانات، وصولًا إلى صعوبات تتعلق بالطبيعة الخاصة لجزيئات (RNA)، كوجود صور بديلة لنفس الجين وهو ما يعرف بظاهرة الوصل البديل (alternative splicing)، ووجود تتابعات (RNA) مكررة أو متشابهة في مناطق مختلفة من الجينوم، ما يجعل تلك الصعوبات مجالًا خصبًا لتطوير التقنية.

المضادات الحيوية تفقد فعاليتها .. كريسبر هو الحل البديل
١٩ ديسمبر ٢٠٢٠

تتوجه جهود العلماء إلى البحث الدائم عن التقنيات العلاجية الحديثة التي تمكنهم من الحد والقضاء على العدوى بالبكتيريا المقاومة لمضادات الجراثيم، وذلك مع الانتشار الواسع لها، وما تشكله من خطر على الصحة عالميًّا. ومن أهم التقنيات العلاجية التي تم التوصل إليها حديثًا هي تقنية (CRISPR) والتي أثبتت فعاليتها في القضاء على تلك البكتيريا. ويعد (CRISPR Cas13a) هو أحدث ما تم اكتشافه ضمن هذه التقنية؛ حيث يستهدف الحمض النووي الريبوزي (RNA) بتوجيه من (CRISPR RNA). كما يحتوي (CRISPR Cas13a) على (HEPN domains) والتي تعمل على قطع الحمض النووي الريبوزي باستخدام (HEPN endoRNAse). لهذا توجه العلماء لاستغلال هذه التقنية كعامل علاجي مضاد للبكتيريا، يستهدف أي جين بكتيري بما في ذلك الجينات المقاومة لمضادات الجراثيم.

اهتمت هذه الدراسة باختبار قدرة (CRISPR Cas13a) في القضاء على البكتيريا المقاومة للمضاد الحيوي (Carbapenem). تمت هذه العملية من خلال تعليب (CRISPR Cas13a) داخل العاثيات، ومن ثم ادخالها داخل البكتيريا، حيث تم استهداف الجينات المقاومة لمضادات الجراثيم، ومن ثم تم قص وتدمير جديلات الحمض النووي الريبوزي المنفردة (ssRNA) الحاملة للجينات المستهدفة. وقد أدى ذلك إلى تثبيط نمو البكتيريا المقاومة للمضاد الحيوي نتيجة لانحلال الحمض النووي الريبوزي الخاص بها، وبالتالي إلى القضاء عليها ومنع انتشارها.

لذلك من المتوقع أن يكون لمضادات الجراثيم المعتمدة على تقنية (CRISPR Cas13a) تأثيرٌ كبيرٌ في حل مشكلة مقاومة مضادات الجراثيم، والسيطرة على العدوى.

هل من الممكن "تخليق" حيوان لديه نفس مستوى ذكاء البشر؟
٢٥ أكتوبر ٢٠٢٠

تؤدي زيادة حجم المخ بالنسبة للجسد؛ ودرجات الطيّ به, إلى تطور قدرات البشر العقلية المميزة كالتفكير, والإدراك, وذلك بدرجة أكبر من بقية الحيوانات الرئيسية. وبناءً على ذلك؛ قام العلماء - في دراسة حديثة - بإدخال چين خاص بالبشر (أي غير موجود في بقية الحيوانات الرئيسية كالقرود) ف جنين قرد من نوع المرموسيت؛ الأمر الذي تسبب في زيادة حجم القشرة المخية الحديثة ودرجات الطي بالمخ لدى جنين القرد. لكن لأسباب اخلاقية. تم قتل جنين القرد قبل الولادة... فهل يمكن استغلال هذه الاكتشافات لتحسين مستوى الذكاء لدى الإنسان؟

هل تنجح تقنية كريسبر في علاج السرطان؟
٩ أكتوبر ٢٠٢٠

لكي يتمكن الباحثون من الإجابة على هذا السؤال المحوري قاموا باستخدام تقنية "كريسبر كاس 9"،  وهي تقنيةٌ حديثة نسبيًا تستخدم لإزالة أو إضافة أو تعديل جين أو عدة جينات باستخدام إنزيمات بكتيرية؛ وذلك لدراسة وظيفة الجينات المستهدفة من خلال تثبيط وظيفتها ومتابعة تأثير ذلك على الخلايا السرطانية وعلى كفاءة العلاجات الحالية.

لتحديد مدى كفاءة هذه التقنية؛ تم تعديل 2,368 جينًا في خلايا الميلانوما B16 والتي سيتم زرعها لاحقًا في فئران مُختبرية. تم تقسيم الفئران إلى مجموعتين: الأولى تتكون من فئران تم تنشيط جهازها المناعي باستخدام لقاح مُختبري ضد خلايا السرطان مع مثبط لعمل البروتين PD-L1، والذي يقلل من كفاءة الجهاز المناعي في مهاجمة الخلايا السرطانية. أما المجموعة الثانية  فكانت لفئران تم تثبيط جهازها المناعي.

تم زرع خلايا الميلانوما في هذه الفئران، ولوحظ بعد عدة أيام أن الورم السرطاني في فئران المجموعة الأولى كان أصغر حجمًا عنه في فئران المجموعة الثانية. هذه النتيجة أثبتت صحة ما تم إثباته سابقًا عن دور البروتين  PD-L1 في تقليل كفاءة العلاج ضد السرطان، كما أثبتت أيضًا كفاءة استخدام هذه التقنية في معرفة دور الجينات في الأنواع المختلفة من السرطانات وتأثيرها على كفاءة العلاجات المستخدمة ضدها.

إيقاف عمل جين Ptpn2 عزّز من كفاءة العلاج ضد سرطان الميلانوما، وذلك من خلال تحفيز تأثير بروتين المناعة الانترفيرون، وهو بروتين يساهم في مهاجمة الخلايا الغريبة عن الجسم والمعروف كعلاج لمرض التهاب الكبد الوبائي (فيروس سي). كما لاحظ الباحثون زيادة عدد الخلايا التائية القاتلة CD8+ T المسئولة عن مهاجمة الخلايا السرطانية وقتلها.

ما يعطي هذه الدراسة ثُقلًا علميًا هو أن هذه النتائج ثَبُتَت صحتها،  ليس فقط في المختبر، بل في الخلايا البشرية كذلك. مما يعطي أملًا في تحسين كفاءة العلاج المناعي للسرطان و زيادة نسب التعافي.

ثورة الجيل الحديث من تقنية قراءة التتابعات الجينية (NGS) وتَبِعَاتِها على علم الجينوم
٧ أغسطس ٢٠٢٠

علم الجينوم (Genomics) هو العلم الذي يهتم بدراسة الجينوم (مجمل المادة الوراثية الموجودة بخلايا الكائنات الحية). وقد بدأ بدراسة الجينومات صغيرة الحجم أو دراسة جينات فردية (الجين هو الوحدة الأساسية للوراثة في الكائنات الحية) ثم أدى ظهور الجيل الحديث من تقنية قراءة التتابعات الجينية ((Next Generation Sequencing (NGS)  إلى اتساع رقعة علم الجينوم لتشمل دراسة جينومات أكبر حجماً وأكثر عدداً. أحدث ظهور تلك التقنيات ثورة في دراسة التباين الجينومي بين أفراد المجتمع وفهم عوامل وراثية عديدة ذات تأثير في سيناريوهات الصحة والمرض.

يشمل علم الجينوم طرقاً متعددة لقراءة التتابعات الجينية (Genomic Techniques)، مثل تقنيات الجيل الحديث (NGS) وإنتاج بيانات لهذه القراءات (NGS Data)، تليها منهجيات تحليل هذه البيانات (Genomic Analysis) من خلال علم الأحياء الحاسوبي (computational biology) والمعلوماتية الحيوية (Bioinformatics). تتطور هذه العلوم بسرعة مذهلة ما أحدث طفرة في اكتشاف جينات جديدة تتسبب في العديد من الأمراض الوراثية.

في الماضي كان اكتشاف الجينات الجديدة مقتصراً على السمات الظاهرية المندلية (التي تتبع القوانين المُقترحة من قبل العالم غريغور مندل) والتي في الغالب ما تتأثر بجينٍ واحدٍ قوي المفعول مثل مرض الألزهايمر ومرض التليف الكيسي. أما الآن فقد مكننا علم الجينوم من دراسة وفهم وراثة السمات الظاهرية المركبة والأمراض المعقدة (complex diseases, complex traits) وذلك من خلال تصميم أنواع مختلفة من الدراسات منها دراسات الارتباط على نطاق الجينوم (GWAS). المبدأ الأساسي لدراسات الارتباط على نطاق الجينوم هو مقارنة تكرارات الأليل (هو نسخة للجين) عبر جينومات عديدة لأفراد إيجابية وسلبية لسمة ظاهرية معلومة. قد تسفر البيانات الناتجة من هذه المقارنة عن الأليلات الشائعة  ذات الصلة بتلك السمة الظاهرية.

اتسع مدى الدراسات الجينومية بأنواعها المختلفة ليشمل التحري عن كل التتابعات الجينية في الجينوم البشري عبر آلاف الأفراد ما سمح للباحثين بتفسير وتحديد ملايين التباينات الجينية بين أفراد المجتمع. ساعد انخفاض تكلفة الـ NGS في رسم صورة أكثر تفصيلاً للتنوع الوراثي البشري عبر الشعوب المختلفة. وكان من المشاريع الناجحة مشروع الألف جينوم (1000 Genomes Project) الذي انطلق بين عامي 2008 و2015 بهدف قراءة التتابعات الجينية لأكثر من 2000 فرد من جميع أنحاء العالم. نتج عن هذا المشروع فهماً أفضل للتنوع الجيني البشري، وأيضاً فهم الجوهر الجيني للأمراض والسمات الشائعة والنادرة، مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية في مجموعات سكانية مختلفة.

مكّن قراءة تتابعات الإكسوم (جزيء الحمض النووي الذي يساهم في إنتاج البروتين) أو الجينوم لآلاف الأفراد المتباعدين وراثياً من تطوير العديد من الخوارزميات للكشف عن تعدد الأشكال أُحادِيّ النيكليوتيدات - التغير في نيكلوتيدة واحدة - (SNPs) وأيضاً الإضافة والحذف الضَئِيل - إضافة أو حذف عدد ضئيل من النيكلوتيدات يقل عن 50 نيكلوتيدة - (indel) في بيانات التتابعات الجينية وتوصيفها كمياً وتوصيف تأثير هذه المتغيرات على السمات الظاهرية والأمراض.

تدون هذه النتائج في قواعد بيانات عديدة منها قاعدة بيانات التوارث المندلي للإنسان (OMIM) وقد تضاعفت دراسات السمات الظاهرية الموروثة بقاعدة بيانات OMIM منذ العام 2007 بفضل نجاح الـ NGS. كان هذا النجاح في مجال علم الوراثة البشرية بشكل عام، ما أدى إلى تقدم مذهل في دراسة الأمراض الوراثية النادرة حيث نشأت نظرية التغير الجيني النادر التي تذكر أن التغيرات الجينية النادرة هي الأكثر ارتباطاً بالأمراض عامةً والأمراض النادرة  خاصةً.

كان للـ NGS الفضل في ازدهار الكشف عن التغيرات الجينومية الخاصة بأمراض السرطان - التي يتم ذكرها هنا على سبيل المثال - بشكل غير مسبوق. تناولت العديد من الدراسات المعنية بأمراض السرطان ظاهرة الطفرات الجديدة المعروفة باسم 'de novo mutations' ( ما يعني أن هذه الطفرة ليست موجودة في أي من الأبوين، وتظهر لأول مرة في الفرد نتيجة لخلل جيني مستحدث) وهي من العوامل الرئيسية المحفزة لأمراض السرطان. وقد نشرت دراسات جينومية واسعة النطاق لأمراض السرطان بين البالغين والأطفال. أنشئت قاعدة بيانات قاعدة بيانات كوزميك (COSMIC) لتتضمن أكثر من 25000 دراسة و32000 جينوم للطفرات الجديدة de novo، مما يسلط الضوء على الكم الهائل من البيانات المتاحة بفضل  الـ NGS.

وبالرغم من التقدم المبهر في علم الجينوم وتطبيقاته الأخرى المتعددة في مجالات الطب الوقائي والتشخيص والعلاج، فإن ربط علم الوراثة بالفهم الجزيئي لآلية المرض لا يزال يُمثل تحدياً، ويجب بذل المزيد من الجهد لتحديد العلاقة الدقيقة بين النمط الجيني والسمات الظاهرية للصحة والمرض.